.............. همسات من عبق الطفولة................
سلامٌ من القلب المتيّم أرسل
ومن أعين عودتها الدمع تنهل
فإن زارت الأفراح زاد نهولها
ولكن لجينٌ نهلها يتنزل
وإن زادت الأحزان فالدّمع مسهب
كجمر من الأحداق يهمي ويهطل
سلامٌ لإمسٍ قد مضى في عجالةٍ
له نبرق التحنان شوقاً ونرسلُ
إذا لاح طيف من سنا الأمس هزني
وصحّا بصدري صرخة تتغلغل
تذكّت بقلبي جذوة من لهيبها
فباتت به نار تشبّ وتشعل
أحن إلى أمسٍ صغارًا تضمّنا
قلوبٌ وقبل الدّور تحنو وتحفل
أحن إلى بيتٍ بسيطٍ بناؤه
ولكنْ بنوه بالسعادة يرفلُ
أحنّ إليه كلما لاح ذكره
وصار سناه للرؤى يتمثل
به جدةٌ.. أبٌ.. وأمٌّ وعمّةٌ
و إخوتنا كنا به نتنقل
وأبناء عمّات وأبناء خالة ٍ
وأبناء جيران به نتعلل
تُزيّن تلك الأمسيات عجائزٌ
بسردٍ به الأخبار في الليل تذهل
فكلٌّ تجيد النّسجَ من خافقٍ لها
ومن قصص الأسلاف تحكي وتنقل
فعن غولة تحكي وتسرد قصةً
رأتها بأثوابٍ مخيفة ترفل
وعن ذلك المرصود يستجدي صارخا
لفك قيودٍ راجياً يتوسل
ُ
وعن ذلك المقتول يشكو مغاضباً
بأكفانه يجري بها يتجول
وذي الهيئة البيضاء شعرا وملبساً
رأته كبدرٍ في الدجى يتبتّل
ويحملُ ماءً للوضوء بكفّه
ومن ثم ينأى عن رواها ويرحل
وكلٌّ إلى تلك الحكايات منصت
من الخوف لا نحكي ولا نتنقل
يحنّ إلى تلك الحكايات خافقي
صداها بقلبي لم يزل يتغلغل
بها كانت الدّنيا ربيعاً وغضّةً
وفيها الأماني غضّةٌ وخمائل
بها كم حلمنا الغد دوحًا معوسجاً
ونقشٌ لثوب الحلمِ قزٌ ومخملٌ
ولكنْ صَحَونا بعدما طارَ أمسنا
والفينا فيه الغد جدبٌ وممحلٌ
نلق من تلك الأماني سوى الأسى
وويلاتها صارت ندوباً وتُعْمِلُ
ألا ليتها الأيام أبطئ سيرها
قليلاً وضلّت بالخطى تتمهلُ
وما أسرعت عند الرحيل ولا جَرَتْ
بترحالها قد أصبحت تتعجّل
لقد كانت الدنيا كروضة حالمٍ
دياجيها أنوارٌ ونورها مشعل
وبيداؤها غيث وغيثها أنهرٌ
وأعينها شهدٌ تفيض وتنهل
وأشواكها كالياسمين عبيرها
وأزهارها لو هبت الريح تثمل
ولكنه الأمس الجميل مروره
طيوفٌ على الأكباد تأتي وترحل
كأنّه لم يسكنْ إلينا ولم يمرْ
سوى طائف في غفوة نتخيل
ويارب والأيام تطوي سنينها
ولم يبقَ فيها من أمانيّ نأمل
وأكفاننا باتت تحاك خيوطُها
وأيامنا صارت تقلّ وتنحل
فلم يبقَ إلا دعوةٍ مع مدامعٍ
ونبسط راحات الرّجا نتوسّل
فإن دنت الٱجال والرّحل خيّمت
بأبوابنا حتى ضعوننا تنقل
فما لي بباب الموت ياربّ ناصرٌ
سوى العفو يا ربي به أتوسّل
فقيرٌ أتى الأبواب يرجوك رحمةً
وأوزاره تحني الرؤوس وتثقل
إذا لم تكن ياربّ عندك حاجتي
فوجهي إلا أي الدروب أحوّل
إذا كنتَ فوق الأرض ياربّ حالما
وكنت على عيش الدّنا تتفضّل
فما ظني بالأجداث تنسى حبيسها
وما ظني بالأكفان عنّي ستغفلُ
وحاشاك ربي في اللحود تضيمني
وحاشاك ربي أن مثلي ستُهمل
إذا لفّني قبرٌ وضاقت لحوده
فيا ربّ بالغفران حاشاك تبخل
كلمات ابو جعفر الشلهوب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق